عندما تحرق قلوب أمّهاتٍ يفقدن أغلى ما لديهنّ بسبب إهمال وجشع وطمع أشباه رجالٍ يركدون خلف مناصبٍ، أقلً ما نقوله اننا نعيش في مزرعة المحسوبيات والمحاصصة. دموعهنّ لن تجفّ وشوقهنّ لاحتضان ضناهن لن تروِه لا كلمات ولا ذكريات.
من ١٢ نيسان ٢٠١٥ – لحظة إستفاقة آل بريدي على خبر وفاة عصام الإبن والشقيق، الفنان والصديق – الى نهار السبت – عندما استفاق آل الراسي على خبر مقتل إبنهم جورج الّذي أعطى للبنان أرشيفاً فنّياً لكن لبنان خذله هذه المرّة وغدره – أكثر من ٤٠٠٠ ضحيّة على طرقات الموت خلال هذه الفترة؛ و١٩ ضحيّة خلال ٥ أيام الأخيرة.
انكسر وسام الشقيق منذ ٧ أعوام، واحترق قلب أهله؛ واليوم تنكسر نادين الشقيقة وترى في أعين والديها واخوتها انهزام. وسام ونادين ليسوا سوى عيّنة لا تشكّل ٠.١٪ من شباب لبنان المفجوع بموت رفيق الطفولة والذكريات.
الفنان جورج الراسي حديث مواقع التواصل الإجتماعي، هو الّذي قضى مع منسّقة أعماله على مواقع التواصل الإجتماعي زينة المرعبي، على الطريق الدولية بين الأمن العام اللّبناني والأمن العام بعد عودتهم من إحياء حفله بسوريا. حادث السير كان نتيجة الإهمال الحاصل في لبنان فلا أحد يتحمّل مسؤولية أعماله ولا أحد يكمل أعماله بشكلٍ نهائي. جشع الضمائر يذهب ضحيّتها الأبرياء. فاصلٌ اسمنتيّ في نصف الطريق الدولية ومن دون انارة أدّت الى مقتل شخصين، ولو تعلّمنا من أخطائنا في العام ٢٠١٦ عندما وقع حادثٌ بنفس المكان لما كنّا اليوم نودّع الراسي ومنسّقة أعماله.
وفي حديث الى “FLASH LEBANON” اعتبر رئيس جمعية اليازا التي تعنى بالسلامة المروريّة الأستاذ “زياد عقل” أنّ جورج الراسي قضى بسبب غياب ممتص الصدمات الذي يجب أن يتمّ وضعه على الفواصل الأسمنتيّة بوسط الطرقات لتخفيف من حدّة الحوادث.
وأضاف، الوضع اليوم مأساوي من جميع النواحي، وتحاول اليازا بكامل طاقاتها وقدراتها المواجهة والمطالبة؛ لكن نلاحظ إستهتار هائل وواضح لدى المسؤولين بما يتعلق بالسلامة المرورية.
مُردفاً، لا قيمة لحياة الإنسان في لبنان، واستهتار كبير وواضح بقانون السير الصادر عام ٢٠١٢. لجنة الوطنية للسلامة المرورية التي نشأت لوضح حدّ لتقاذف المسؤوليات المزمن بين الوزارات والإدارات لا تقوم بعملها.
وأوضح عقل أنّه، بحكم تجربة اليازا في لبنان لأكثر من ٢٠ سنة نلاحظ تقاذف مسؤولية بين الوزارات، فوزارة الأشغال تلقي اللّوم على وزارة الداخلية التي بدورها تتّهم الشعب، والشعب يلقي اللّوم على البلديات. بالنهاية تجربة دول العالم المتطورة ترتكز على الشروط المشتركة الموضوعة لإنجاح السلامة المرورية. “لذا نحن ك”يازا” نطالب تطبيق قانون السير وألا يبقى حبر على ورق ويطبق بحقّ الناس، بل على الجهات المعنية أيضاً تطبيقه”. اليوم هناك تعديات كبيرة ويتراجع لبنان الى الهاوية في ظلّ ايقاف المعاينة الميكانيكية عاد الوضع الى ما كان عليه في التسعينات. ناهيك عن توقّف اشارات المرور وعدم القدرة الإقتصادية على صيانتهم، والريغارات الموجودة في وسط الطرقات…
شباب لبنان يموتون ولا أحد يسمع صرخات وجع الأمهات. دموعٌ تروي صلوات الرّحمة يقابلها سياسيّون تغيب عن ضمائرهم الرّحمة. عصام وجورج كعلي ومحمد وفاطمة وماري وغيرهم الآلاف يرحلون في كلّ يومٍ تاركين خلفهم قلوب مكسورة ومحروقة. “ابني لم يمت شهيد” قالت والدة جورج الراسي في وداعه “بل ذهب ليلحق بلقمة عيشه … ووطنه هو الذي قتله”

أنطوني الغبيرة

شاركها.

التعليقات مغلقة.