لا نستطيع إسترجاع طفولتنا دون استذكار برنامج “كيف وليش” وشخصياته المميزة الّتي طبعت فينا. ولا نستطيع اليوم وبعد مرور هذه الأعوام أن ننسى المرأة الّتي لا يزال صوتها طفلاً يمشي بين أروقة التلفزيون. DéDé قد نضج جسدها مع مرور هذه السنوات، لكنّ روحها المعطأة لا تزال مُفعمة بالحبّ والإنسانيّة. ولعلّنا في هذا الحوار نشفي غليل من إشتاق لها ولأخبارها.
تأثّرت ديزيريه فرح منذ صغرها بمهنة والدتها، إضافةً الى عملها كمعلّمة كانت تقوم بحفلات ضخمة بمنطقة سكنهم في جبيل، حيث كانت DéDé وأخوتها يساعدون , والدتهم منذ صغرهم؛ ومع انتقال الوالدة الى تقديم برنامج للأطفال على الشاشة، وكون DéDé إبنة ميمي فرح طلب المخرجون والكاتب مروان نجار منها أن تمثّل تلك الفتاة الصغيرة التي لم تبلغ ١١ سنة. وهنا تضيف فرح، “مسيرة والدتي طبعت بحياتي وكانت الدرجة الأولى من السلّم لدخول عالم التلفزيون. وبعد زواجي بدأت برامج الأطفال. إبني الصغير درس مهنة لها علاقة بالتلفزيون، وهو اليوم يكتب قصص ومسرحيات مع جدته التي ما زالت تعلّم الأولاد. نحن تربّينا بالتلفزيون لدرجة أنه أصبح جزء من حياتنا، وليس بالصدفة اختيارنا له ولسلاسته وادخاله الى منزلنا”.
وفي سياقٍ متصل، تعوّدت تلك الفتاة الصغير ولفترة طويلة جداً من حياتها على مناداتها بإسم DéDé حيث كانت عائلتها وفي عملها ينادونها بهذا الإسم، الّذي تعتبره هويتها بالعمل. غير أنّ إسم دزيريه اليوم ورغم جماله يشعرها بأنّها كبرت.
وعن الشخصيات التي إستعملتهم ببرامجها، أكّدت فرح أنّهم جزء من حياتها ويعطونها اليوم فرحة بعد أن ابتعدت قليلاً عن برامج الأطفال. وأضافت “كنا منذ فترة نتكلم عن إعادة إحياء هذه الشخصيات، خصوصا” مع غياب برامج الأطفال عن الشاشة اليوم، فالولد لم يعد محطة مهمة من مسيرة التلفزيون في لبنان”.
وأكملت، “في العام ٢٠٠٤- ٢٠٠٥ أوقفت برامج الأطفال، وبقيت بالتلفزيون وبعد فترة وجيزة وحرب تموز ٢٠٠٦ بدأت العمل على البرامج الإنسانية. لم أغب عن التلفزيون واستمريت بالعمل مع الأولاد. ومن الممكن أن النهج قد تغير عن برامج الأطفال ولكن التلفزيون هو حياتي لأنني وللأسف لا أستطيع ان أفصل بين حياتي العائلية والعملية. لذا أشعر أن عملي حياتي كما عائلتي هي حياتي”.
بدأت فرح برامجها الإنسانية على شاشة LBC حيث اختبرت جمالية العمل الإنساني وكانت بصمة جديدة ومميزة وبعد حرب تموز ٢٠٠٦ شعرت بأنها عاجز ة وفجأة بدأت المسيرة – مع برنامج نحنا لبعض – التي تتمنى ألاّ تنتهي.
وبين برامج الأطفال والبرامج الإنسانيّة اعتبرت، أنّ الأولى أصدق شي يمكن أن يقوم به الإنسان، فالتعامل مع الأولاد عظيم ولا يشبه أي تعامل آخر، في بعض الأحيان الكلام يعجز عن وصف اللحظة الصادقة بالتعامل مع الأطفال. أما الثانية، تتميز بالكلمة الإنسانية والتي تعتبر ميزان لدخول الشخص على يوميات وتفاصيل حياة الشخص الآخر الموجوع أمامه، يكون هناك صدق محبة وإنسانية. وإذا مُزج نوعا البرامج -الأطفال مع تلك الإنسانية -لا نجد فرق. “أشعر بالسعادة كونني في بعض الأحيان انني من الناس المختارين من قبل الرب لقيامي بهذين النوعين من البرامج.
وعند تطرّقنا لحالة البلد غير المستقرّة، تعجّبت DéDé وبصعوبة عن ما إذا لا نزال مواطنين في لبنان! كوننا للأسف، شعبٌ متعب، المواطن لا يشبه اللبناني الذي يكافح اليوم. “جميع السياسيين وللأسف النواب ، وخاصة بعد رهاننا على الطاقم الجديد المنتخب، قتلوا كل المواطنية لدى اللبنانيين. نحن اليوم نعيش لإكفاء عائلاتنا كال Robot. ، نكافح لتامين لقمة عيشنا الصعبة التي من المفترض من الدولة أن تقوم بهذا الواجب ونحن كشعب نكون بصدد بناء وطننا”، وختمت بعبارة “السياسيين نسوني لبنانيتي”!
المواطن ليس فقط مظلوم في لبنان، ولكن كل من إستلم الحكم أعدم المواطن وعلّق مشنقته، “شنقونا أخدوا أرواحنا الحلوة وتركوا أجسادنا، أنا جربت فكر ونفّذ بس كعيت”.
واكملت، في برنامج ميني مواطن على MTV عملت مع ١٥٠ ولد لمدة ٤٥ يوم و الّذي رأى الأولاد يبكون بكل صدق ولم يحرك ساكناً، يجعلنا ندرك أنّنا في لبنان فقدنا قسم كبير من إنسانيتنا. اليوم قسم كبير من اللبنانيين يفضلون الزعيم على رغيف خبز أو على حبة دواء لولدهم.
“أنا إنسانة ما بتوقف تحلم لكن تعلمت ان تبقى أحلامي لي خاصة بلبنان، نحلم كثير ونحقق القليل. الإنسان لا يستطيع أن لا يحلم. أحلم بال ٢٠٢٢ بشي كتير حلو لعيد الميلاد، وبدأت أحضر له منذ الآن. على أمل أن يكون ولادة جديدة لوطننا في٢٠٢٣”.
بالنهاية رفضت DéDé توجيه رسالة لأولادها، الّذين تربوا معها وترعرعوا بالتلفزيون والمسرح والبرامج الانسانية. فهي تتمنى أن يكملوا أولادها بالمسيرة الإنسانية والتعامل الراقي مع الانسان ومحبته. وان يعيشوا حياة جميلة وكريمة على أن تترافق مع اعادة بناء وطن، لأن DéDé لا تحتمل فكرة هجرة أولادها رغم انهم يحملون جنسية أخرى. ” بضلني متمسكة فين لان قلبي كإم ما بتحمل ولادي يبعدوا عني بعد كل هالسنين بس يمكن ظروف الحياة أصعب”.
ما أجمل أن تُعيدنا الذكريات إلى تاريخٍ جميلٍ من طفولة معظم جيلٍ تربّى على شخصياتٍ رسَمَتها DéDé ولا تزال تعيش في نفوسنا. ونحن اليوم نطالب هذه السيّدة الحسّاسة الرصينة، ببرنامج للأطفال علّنا نكون أوّل جيلٍ نشاهد مع أبنائنا نفس الشخصيات رغم مرور هذه الأعوام.

أنطوني الغبيرة

شاركها.

التعليقات مغلقة.