قد تكون مصادفة، أو متعمّداً، أن أفرقاء الاجتماع الخماسي في باريس، الولايات المتحدة وفرنسا ومصر والسعودية وقطر، هم عرّابو اتفاق الدوحة عام 2008. رافقوا، كلٌ من موقعه ودوره وموطئ قدمه، شغور رئاسة الجمهورية طوال ستة أشهر بين تشرين الثاني 2007 وأيار 2008، وتوالوا على تقاسم الأدوار. كأن تتولّى فرنسا مبادرة الطلب من بطريرك الموارنة وضع لائحة بأسماء مرشحين محتملين للرئاسة، على غرار التجربة المخيّبة عام 1988، فإذا الخيبة نفسها تستعاد، وتتولّى مصر تسويق ترشيح قائد الجيش آنذاك العماد ميشال سليمان ويزورها، وتغطّي الولايات المتحدة الدور الفرنسي على طريقتها بدعم قوى 14 آذار وتشجيعها بداية على انتخاب رئيس بالنصف زائداً واحداً، وتخوض السعودية معركة المواجهة مع دمشق وحزب الله من خلال الرئيس سعد الحريري، ثم ينتهي المطاف بقطر تستضيف الزعماء اللبنانيين على أراضيها لإبرام تسوية صغيرة. حدث ذلك آنذاك، والعواصم الخمس ذاتها تعاود الدور إياه، ما خلا الجامعة العربية الحاضرة في ذلك الحين.

تَشابُه الأحداث وبقاء الأبطال أنفسهم في اللعبة ذاتها، أضف شغور الرئاسة وانقسام القوى كما انقسامها على الحكومة وفائض القوة لدى حزب الله، فرصة للعودة الى ما حدث عام 2008. وقتذاك استمرت جهود ذلك الخماسي طوال مدة الشغور دونما التوصل الى نتيجة من جراء إصرار كلٍ من الأطراف اللبنانيين على شروطه، هم المنقسمون بين فريقَي 8 و14 آذار الى أن وقعوا في مستنقع الاقتتال في 7 أيار. على الأثر، تمكّن الخماسي من التوصل الى تسوية اتفاق الدوحة. ذلك ما لا يملكه الشرط الفعلي لإنجاد لبنان وإخراجه من مآزقه المضاعفة اليوم، وقد انضمّ إليها تفتّت الاقتصاد وانهيار الوضع المعيشي.

شاركها.

التعليقات مغلقة.