في لبنان هذا البلد الصغير تتزايد اسعار الصرف بشكل يفوق حجمه المتواضع فمن سعر الصرف الرسمي الى سعر منصة صيرفة الى الدولار المصرفي ودولار الودائع الى سعر الدولار الجمركي هذا فضلاً عن سعر صرف السوق السوداء.

هل يحتمل لبنان كل هذه الاسعار والى متى سنبقى في هذه الدوامة وهل يجوز ان تبقى هذه التعددية في اسعار الصرف في حين ان اهم مطلب لصندوق النقد الدولي هو توحيد اسعار الصرف.

ومن اهم الاسعار التي تنعكس على الاقتصاد الشرعي وعلى المواطنين وعلى اسعار السلع وبالتالي على القدرة الشرائية لهؤلاء المواطنين هو سعر الدولار الجمركي فبعد ان وفع وزير المال في حكومة تصريف العمال يوسف خليل في اذار الماضي الدولار الجمركي من ١٥ الف ليرة الى ٤٥ الف ليرة هناك اتجاه الى ان يرفع الدولار الجمركي الى 60 الف ليرة تحت ذريعة تغطية رواتب موظفي القطاع العام.

في هذا الاطار اسف الخبير الاقتصادي الدكتور باتريك مارديني لأن لبنان مستمر في سياسة تعدد اسعار الصرف وهذه الســياسة حذّرنا منها صندوق النقد الدولي ونصــح بالخروج منها وعلى الاقل توحيد اسعار الصرف الرسمية مشيراً الى ان العكس هو الذي يحصل حيث هناك زيادة في تعدد اسعار الصرف.

ويقول مارديني هذه السياسات تحصل من دون اصلاحات حقيقية وجوهرية والمشكلة الاساسية في لبنان هي الجمرك الذي هو بحاجة الى اصلاح لأن النظام الجمركي يعزز التهرب الجمركي و التهريب وعدم دفع الرسوم الجمركية والفساد مشيراً الى ان التعديلات التي تطرأ على الدولار الجمركي تُرّسخ هذا النظام الذي يُحفّز على التهرب الجمركي والفساد بدل ان نقوم بمكافحته.

ورأى مارديني ان السبب الاساسي للتهرب الجمركي في لبنان هو تعدد التعرفات الجمركية وتعدد الاعفاءات كالسيارات مثلاً كما هناك بعض البضائع يبلغ رسمها الجمركي ٣٠٪ و سلع اخرى ٥٪ كما هناك بضائع معفاة من الجمارك معتبراً ان هذا الأمر يُحفّز على التهرب الجمركي.

ووفق مارديني رفع الدولار الجمركي الى ٦٠ الف ليرة لا يؤدي سوى الى خدمة المخربين ويعطيهم حافزاً اكبر للتهرب الجمركي والتهريب بمعنى ادق اذا كانت هناك شركات ما زالت تلتزم وتدفع الرسوم الجمركية وشركات اخرى تتهرب من دفعها فالشركات الملتزمة لن تتمكن ان تتحمل اعباء رفع سعر الدولار الجمركي الذي يكبدها المزيد من الخسائر وبالتالي لن تستطيع ان تنافس الشركات التي تتهرب من دفع الرسوم الجمركية وهذا يقوي الاقتصاد الغير شرعي على حساب الاقتصاد الشرعي.

واذ شدد مارديني على ان هذه السياسات تؤدي الى تكاثر التهرب الجمركي واختفاء الشركات الشرعية التي تلتزم بدفع الرسوم الجمركية لأن قدرتها على منافسة الشركات الشرعية تصبح اكثر صعوبة اكد على ان رفع الدولار الجمركي يجب ان يترافق مع اصلاحات في النظام الجمركي وعلى رأسها توحيد التعرفات الجمركية و تخفيضها وبالتالي يجب الغاء جميع الاعفاءات الجمركية وليس زيادتها ويجب الغاء جميع الاستثناءات ويجب تخفيض التعرفة الجمركية موضحاً ان كل هذه الامور تساهم في مكافحة التهرب الجمركي.

وختم مارديني بالقول طالما لن نقوم باصلاحات جمركية هذه التعديلات تخدم حصراً المتهرب ولن ترفع ايرادات الدولة للأسف الشديد بل سترفع ايرادات المتهربين.

الديار
شاركها.

التعليقات مغلقة.